أصل الموافقة

" غالبا ما يتبادر إلى الذهن أن هناك فاصلة و انفصال بين الإنسان و حقيقة الوجود ، أو ما بين المادة و الطاقة ، أو بعبارة أخري ما بين البشر و الخالق، لكن في الأصل ليست هناك فاصلة ، بل أن عدم وجود الموافقة و عدم توحّد السطحية هو الباعث في إيجاد الفواصل المجازية و جعل المعرفة الواقعية أمرا غير ممكن . الإنسان بفطرته صاحب موافقة واعتدال وجودي ، و لكن بدليل وجود المحدوديات الفرضية التي نسبها لجسمه و فكره فإنه صار عاجزا عن معرفة هويته الحقيقية على ما هي عليه . " ¹

" الإنسان عاجز في محدوديته الحالية عن درك الحقيقة و كشفها . من أجل كشف و درك حقائق أعلى من الحدود الحسية نحتاج إلى طاقات أعلى و أرفع من الحواس و القوى العادية" ¹.

" الأمر الذي يعجز الإنسان عن دركه إثر استعمال الحواس في المحدودية يسميه و يظن أنه غير مسموع و غير مرئي ، و بناء على قانون المحدودية يسعى لنفيه و عدم اعتباره . غير أن المشكلة هي عدم وجود الموافقة. كل واحدة من الحواس الإنسانية صاحبة استعداد خاص و هي قادرة على تشخيص و إدراك النور و الصوت و الرائحة و الحرارة. و لكن ما نجرّبه نحن إثر استعمال حواسنا و نسميه نورا أو صوتا أو رائحة أو حرارة و ما إلى ذلك، ما هو في الأصل إلا أمواج ذات أطوال مختلفة.الأمواج العالية تظهر بصورة سخونة و حرارة ، و الأمواج القصيرة بصورة صوت و نور. تظاهرات الطاقة في هاته الأطوال المختلفة تظهر و تتجلى بنسبة استعداد و قدرة التقاط كل واحدة من الحواس المخصوصة . غير أن أصل الطاقة، أو بعبارة أخرى، أصل القابلية ثابت لا تغير فيه. نحن ، و بعلة استخدام الحواس في المحدودية ، لسنا قادرين على تجربة إلا قسم ضئيل من تلك الطاقة المطلقة . " ¹

" يمكننا الحصول على الموافقة عن طريق جمع القوى و تمركزها في مركزية " أنا " ، و بعبارة أخرى الرجوع إلى " العقدة الحياتية " في القلب ، يعني تلك النقطة و المركز الذي أظهرت الحياة نفسها فيه لأول مرة في مرتبة الإمكان . تمركز القوى في مركزية القلب هو الذي يوجب الموافقة اللازمة و الهزة الحياتية . على سبيل المثال ، كما أننا نقدر على إزاحة الصخور التي تسدّ الطرقات بتسليط آلات الجرّ على مركز ثقلها ، فإننا نستطيع ، بجمع و تمركز القوى في مركزية " أنا " ، على كسر حائط المحدودية و الحصول على الموافقة حتى يصير الإنسان قادرا على درك و كشف جهاته اللطيفة. " ¹

بناء على تعاليم العرفان، فإننا نستطيع، باستعمال طرق خاصة، من قبيل التمركز® و الذكر( تذكر جمال وجه الحبيب) و الصلاة، أن نجمع و نركز قوانا و طاقاتنا، و أن نحصل على الموافقة الفطرية الموجودة فينا، حتى نعرف جهاتها اللطيفة و نستفيد من التعادل و التوازن في حياتنا.


I-Nader Angha, Theory "I": The Inner Dimension of Leadership (Riverside, CA: M.T.O. Shahmaghsoudi Publications, 2002), 110-112.