الفراشات و الشعلة
"منطق الطّير"

العطّار النيشابوري


اجتمع جمع من الفراشات ذات ليلة،
كانوا في ضيق يسعون إثر شمعة.

قال الجميع يجب على واحدة منا،
أن تأتي بالخبر ولو قل عن مطلوبنا.

فطارت فراشة حتى وصلت إلى قصر بعيد،
فرأت في القصر نورا من شمع بعيد.

فرجعت وفتحت دفترها،
وبدأت في وصفه على قدر فهمها.

فقال لها ناقد ذو مكانة بين الجمع،
إنك لم تحظي بمعرفة الشمع.

طارت فراشة أخرى إلى حيث النور،
وطافت حول الشمع بسرور.

هكذا حلّقت حول أشعة المطلوب،
حتى أصبح الشمع غالب وهي المغلوب.

ثم عادت وقصت عليهم بعض الأسرار،
وأعادت عليهم شرح ما تمّ لها من وصال.

فقال لها الناقد أن هذا ليس دليلا مقنعا،
فقد قدّمتِ أدلّة كالتي قدّمتها الفراشة السابقة.

نهضت ثالثة وأسرعت ثملة نشوانة،
وعلى وهج النار استقرّت ولهانة.

فاحترقت كلها في النار،
حتى احمرّت أعضاؤها وتلوّنت بالنار.

حتى قال لقد أصابت هذه وكفى،
والشخص العارف هو من لديه الخبر وكفى.

من أصبح بلا خبر ولا أثر،
هو الذي يعرف وسط الجميع الخبر.

طالما أنت جاهل بالجسد والروح،
فكيف تدرك أي خبر عن أحبة الروح.

كل من أشار إليك إشارة طفيفة،
فقد سبب لروحك آلاف الآلام.

ليست هذه المنزلة محرما للنفس،
وهذا المكان لا يتسع لأحد من الناس.